لقد عنيت الرسالة الإسلامية بالإنسان جسما وروحا عناية فائقة وعالجت مشكلاته وعملت على رفع الحرج ودفع المشقة عنه واهتمت بصحته وسلامته وقوته باعتباره خليفة لله في أرضه . وإن من أول مقتضيات هذه الخلافة سلامة العقل وصحة البدن وصفاء الروح .
ولذلك فقد ورد عن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ) رواه مسلم .
من هنا فقد أمر الإسلام بالتداوي وأقر ممارسة الطب واعترف به وحث على نقله من مجال الخرافة والشعوذة الذي كان غالبا عليه إلى ميادين العلم والتجريب . فقد ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إن العرب وغير العرب كانوا يصفون الدواء لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيتداوى .
كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( تداووا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد هو الهرم ) رواه أحمد وأبو داوود والترمذي وقال حديث حسن . وقال أيضا : ( لكلٍ داءٍ دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله ) رواه مسلم وأحمد والحاكم .
ولقد فتح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أمام الأمة آفاق العلم والبحث والتجريب فقال : ( ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء ) رواه البخاري ومسلم . وبهذا يكون كلام الرسول صلى الله عليه وسلم باعثا حثيثا لنا نحن الأطباء يدفعنا للبحث عن أسباب أمراض لا زالت مجهولة التشخيص أو العلاج وذلك بما يخفف عن الإنسانية آلامها ويدرأ عنها أخطار المرض ويهيئ لها حياة هانئة مستقرة .
نعم . فلقد اهتم الإسلام بالصحة والعافية وجعلها مطلبا ضروريا يتوجب على الإنسان أن يحرص عليه ولا يفرط فيه فقد جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه العباس : ( يا عباس يا عم النبي سل الله العافية في الدنيا والآخرة ) . كما ورد في سنن النسائي عنه صلى اله عليه وسلم أنه قال : ( سلوا الله العفو والعافية والمعافاة فما أوتي أحد بعد يقين خيرا من معافاة ) . ويعلق الإمام ابن القيم رحمه الله على هذا الحديث فيقول : وهذه الأمور الثلاثة تتضمن إزالة الشرور الماضية بالعفو ومن الشرور الأمراض . وإزالة الشرور الحاضرة بالعافية . وإزالة الشرور المستقبلة بالمعافاة فإنها تتضمن المداومة والاستمرار على العافية .
وذكر الإمام الترمذي عن رسول اله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما سئل الله شيئا أحب من العافية ) .
كما روى أيضا أنه قال : ( من أصبح معافا في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا وما فيها ) .
وبهذا يكون للإسلام السبق في هذا المجال الحيوي الهام من مجالات الحياة . ولو تتبعنا كل تعليمات الإسلام وشرائعه وفرائضه وسننه إن في مجال العبادات أو في مجال العادات أو في غيرها من المجالات لوجدنا هذه الحقيقة ظاهرة جلية . فاستعداد المسلم للصلاة بالوضوء والغسل وغيره من وسائل الطهر يعتبر عملا وقائيا رائعا قلما فطن إليه المشرعون في الديانات الأخرى غير الإسلام .
وتطبيق تعليمات الإسلام في مجالات الحياة المختلفة ابتداء من الخروج من البيت وحتى العودة إليه فيها من الآداب ما يعتبر مفخرة من مفاخر الإنسانية وكذلك آداب السلوك اليومي داخل البيت فيه من النظام ما يفتخر به المسلم عن غيره ولقد ذهب الإسلام بعيدا في ذلك إلى درجة تنظيم معاشرة الزوجة ودخول الخلاء .!!!
وصدق الله العظيم القائل : بسم الله الرحمن الرحيم (( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون )) الأعراف ( 96 ) صدق الله العظيم .