من المعروف أن مرض السكري هو من أكثر الأمراض المزمنة انتشارا على مستوى العالم وهو من الأمراض التي تم اكتشافها قديما فما هي قصة اكتشاف هذا المرض وكيف تم اكتشافه؟
وهل جاء اكتشافه فجأة أم كان نتيجة عدة دراسات وخطوات متراكمة؟ وللإجابة على هذه الأسئلة دعونا نعود بالزمن إلى الوراء وتحديدا إلى عهد الفراعنة حيث تم ذكر بعض أعراض المرض عند المصريين القدماء وذلك في بردة إيبرس وهي تعد أقدم مخطوطة علمية تناولت العديد من المسائل الطبية المختلفة ومن ضمنها مرض السكري وليس ببعيد عن هذه الفترة الزمنية فكان الهنود أيضا يعرفون أعراض هذا المرض حيث لاحظ بعضهم انجذاب النمل لبول المريض بالسكري وكذلك بالنسبة للحضارة اليونانية فقد ورد فيها أعراض مرض السكر مثل العطش الشديد وغيرها ثم جاء المسلمون ومنهم أبو بكر الرازي وابن سينا وقدموا وصفا أكثر دقة لهذا المرض واستمر الحال كذلك لفترة طويلة من الزمن فبعض أعراض المرض كانت معروفة منذ قرون طويلة إلى أن جاء الوقت الذي تغيرت فيه نظرة العلماء إلى مرض السكري وبدأ العالم يقترب من الوصول إلى توصيف حقيقي للمرض وكانت البداية مع العالم كلود برنار والذي اكتشف الجلايكوجين في عام 1855 والذي كان سببا في فتح الباب نحو المزيد من الأبحاث حول هذا المرض قام كلود بالعديد من الأبحاث حول المرض على الحيوانات كاستئصال البنكرياس وتوصل إلى وجود مادة خفية (والتي تم اكتشافها في ما بعد) يقوم البنكرياس بإفرازها وتكون مسؤولة عن خفض السكر في الدم.
وفي العام 1869م بدأت الأبحاث تسلك منعطفا جديدا حيث اكتشف العالم بول لانجرهانز وجود خلايا متميزة في البنكرياس أطلق عليها اسم جزر لانغرهانس لكن بول حينها لم يستطيع تحديد وظيفة هذه الخلايا بشكل دقيق.
وفي العام 1889 أكد العالمان أوسكار مينكوفسكي وجوزف مهرنج العلاقة الوطيدة بين مرض السكري والبنكرياس حيث قاموا بإجراء التجارب على بعض الكلاب ولاحظوا ارتفاع نسبة السكر في الدم واعتمادا على الأبحاث السابقة فقد أكد العالمان أن جزر لانغرهانس تفرز مادة وظيفتها التحكم في مستوى السكر في الدم.
إلى أن جاء اليوم الحاسم في تاريخ هذا المرض وهو اكتشاف الأنسولين في السادس من مايو عام 1921 على يد العالم الكندي فريدريك بانتنج حيث كان اكتشاف الأنسولين عاملا رئيسيا في تطوير علاج المرض الجزئي وبدأت بعد ذلك عمليات استخلاص الأنسولين حيث ظهرت العقاقير الطبية المخفضة للسكر بالدم في عام 1955 ولا يزال العالم يبحث إلى الآن عن علاج جذري ونهائي لهذا المرض.