إن سرطان البروستاتا هو السرطان الأول للرجال فى الأردن ويصيب عادة الرجال فوق سن الخمسين ويعتبر ثاني نوع سرطان يؤدي إلى الوفاة فى الأردن عند الرجال بعد سرطان القولون.
أهمية اختيارنا للحديث عن هذا السرطان هو وجود دلالات فى الدم نستطيع أن نكشفها ونعالجه قبل أن ينتشر.
فسرطان البروستاتا بالإضافة إلى إمكانية اكتشافه مبكرا فهو يتميز عن كثير من الأنواع السرطانية الأخرى بأن علاجه فعال جدا ويؤدي إلى الشفاء التام فى كثير من الحالات.
فى أواخر الثمانيات من القرن السابق تم اكتشاف هرمون مهم جدا هو Prostate Specific Antigen ويختصر فى PSA وترجمته إلى العربية "ملازم خاص للبروستاتا" وكما يبن الإسم فهو خاص للبروستاتا وليس خاص لسرطان البروستات.
ولكن من ميزته أنه يزيد بطريقة غير طبيعية فى حالات سرطان البروستاتا.
فقبل اكتشاف هذا الهرمون كان معظم المرضى يأتون بسرطان البروستاتا فى مراحل متأخرة و حينها يكون عمل شيء ما للمريض قد يكون متأخرا.
ولكن مع الفحص الدوري لهذا الهرمون للرجال البالغين فوق الخمسين من العمر كانت هناك طفرة كبيرة فى تشخيص حالات كثيرة وهى فى مراحلها الأولى.
ولأخذ فكرة عن هرمون PSA فهو هرمون خاص يفرز من قنوات البروستاتا ويصب فى الدم.
ويتكون هرمون PSA فى الدم من نوعين رئيسين : نوع حر فى الدم ونوع آخر مرتبط ببروتين فى الدم.
فخلايا البروستاتا الغير سرطانية تفرز الهرمون الحر أما خلايا البروستاتا السرطانية فهى تفرز النوع المرتبط بالبروتين.
وبالتالي قياس نسبة "الهرمون الحر" إلى مجموع هرمون PSA مهمة جدا فى تحديد سبب الإرتفاع فى الدم.
يزيد عادة PSA في الدم في حالات تضخم البروستاتا دون وجود ورم سرطاني وفي حالات التهابات البروستاتا.
ولكن عادة هذه الزيادة تكون أقل من حالات الزيادة نتيجة وجود ورم سرطاني.
وما يميز إدراكنا أن هذا ورم سرطاني أم غير سرطاني هو قياس نسبة "الهرمون الحر" إلى "الهرمون الكامل" فى الدم.
فإذا زادت نسبة الجزء "الحر" عن نسبة 20% من كمية PSA كان هذا الارتفاع ناتج عن زيادة غير سرطانية .
أما إذا كان PSA "المرتبط " هو سبب هذه الزيادة وكانت نسبة PSA "الحر" على PSA "الكلى" أقل من 10% فهذا يدل على أن PSA المرتبط ببروتين الدم هو سبب هذه الزيادة وبالتالي فرصة أن يكون هذا الارتفاع نتيجة ورم سرطانى عالية جدا.
فينصح عادة لهؤلاء المرضى بأخذ عينة من البروستاتا عن طريق خزعة نقوم بها عن طريق فتحة الشرج وبالتخدير الموضعى ودون الحاجة إلى النوم فى المستشفى.
فى هذه الحالات نأخذ عشرة عينات صغيرة من عدة أماكن من البروستاتا وندرسها تحت المجهر.
ومن هنا نستطيع تحديد بالدقة المتناهية ما إذا كان هذا الإرتفاع فى هرمون PSA نتيجة التهابات أو نتيجة تضخم أم نتيجة ورم سرطاني.
وفى دراسة قمنا بعملها فى الأردن عن 350 حالة ارتفاع هرمون PSA وأسبابه وقد تبين لنا الآتي :أن 44% من سبب ارتفاع PSA من العينات التي فحصت فى مختبرنا هى نتيجة أورام سرطانية ومعدل سن الإصابة بالسرطان هي 68 سنة.
ولكن كان السرطان قد اكتشف فى حالات تتراوح من سن 45 وحتى سن التسعين.
وكلما زادت كمية هذا الهرمون فى الدم كلما أصبح احتمال أن يكون السبب نتيجة سرطان البروستاتا تزيد.
علما بأن المعدل الطبيعى لهذا الهرمون بجب أن يكون أقل من 4 ng/dl .
و يعتمد على هذا الهرمون بطريقة كبيرة جدا لمراقبة مرضى سرطان البروستاتا والذين تم علاجهم إما بالأشعة أو بالهرمونات أو باستئصال البروستاتا لمعرفة إن كانوا قد استجابوا للعلاج أم لا.
فان كان قد استجابوا للعلاج فإنه يهبط إلى الصفر تقريبا بحيث لايمكن قياسه.
أما إن كان هناك رجوع للسرطان أو عدم استجابة للعلاج فإن الهرمون تزداد نسبته فى الدم باضطراد.
وقد تبين من الدراسة أيضا أن معظم المرضى عندنا لازالوا يأتون بحالات متأخرة مقارنة مع الدول الغربية.
مما سبق ننصح جميع الرجال الذين بلغوا سن الخمسين ومافوق أن يعملوا فحص هرمون الملازم للبروستاتا PSA كل سنة فإن كان الهرمون يزيد عن المعدل الطبيعى وهو 4ng/dl فننصح بعمل كمية الهرمون الحر Free PSA وحسب النسبة نستطيع أن نقرر إن كان الشخص يحتاج لأخذ عينات من البروستاتا أم لا.
وبهذه الطريقة فقط نستطيع أن نكتشف سرطان البروستاتا مبكرا عند الرجال.
اعداد الدكتور حسام ابو فرسخ