الملاريا مرض التهابي خطير يسببه طفيلي خاص يسمى البلازموديوم plasmodium الذي يدخل إلى الكريات الحمراء في جسم المريض فيخربها ويترافق ذلك مع مجموعة من الأعراض والعلامات أهمها :
الحمى fever
وفقر الدم anemia
وتضخم الطحال splenomegaly
ينتشر هذا المرض في بلدان العالم الثالث الفقيرة ومنها اليمن وينتقل إلى الأطفال عبر أكثر من طريقة أهمها عن طريق البعوض الذي يكثر بعد هطول الأمطار وخاصة في المناطق الفقيرة والمهملة والتي لا يوجد فيها تصريف صحي جيد لمياه الأمطار والمجاري .
عندما تلسع البعوضة التي تحمل طفيلي الملاريا شخصا سليما تقذف في دمه كميات كبيرة من أطوار sporozoites التي تذهب بدورها إلى الكبد وهناك تدخل الخلايا الكبدية فتنمو وتنقسم فيها متحولة إلى كيسات schizonts مجهرية تحتوي في داخلها على أعداد كبيرة من الأطوار merozoites . ثم لا تلبث هذه الكيسات أن تنفجر في نهاية الأسبوع الثاني مطلقة أعدادا كبيرة من أطوار merozoites التي تخترق بدورها جدران الكريات الحمراء للمريض وتدخلها لتنقسم بدورها وتتطور فيها متحولة إلى الأطوار trophozoites ثم لا تلبث الكريات الحمراء أن تنفجر مطلقة أعدادا هائلة من هذه الأطوار التي تهاجمها الكريات البيضاء البالعة phagocytes فتحطم قسما كبيرا منها .
أما القسم الذي ينجو فإما أن تمتصه بعوضة جديدة لدى لسعها لهذا الطفل المريض لتنقله إلى أطفال آخرين أصحاء أو يدخل كريات حمراء جديدة في نفس المريض ليحطمها . وهكذا تستمر الدورة .
تختلف فترة الحضانة وهي المدة الزمنية الفاصلة ما بين دخول الطفيلي إلى جسم المريض وظهور أعراض المرض بحسب نوع الطفيلي ومتوسطها أسبوعان . بعد هذه الفترة تبدأ أعراض وعلامات المرض بالظهور وأهمها :
الحمى fever : التي تظهر فجأة في بعض المرضى وترتفع فجأة أيضا حتى أنها قد تسبب الاختلاجات لدى بعض المرضى convulsions . أو قد تبدأ بالتدريج وترتفع كذلك . وقد تكون مصحوبة بالقشعريرة أو ما تسمى بالعروة rigor . وبعد فترة زمنية معينة تختفي الحمى ويتعرق المريض .
وقد تظهر على الأطفال المرضى تغيرات سلوكية behavioral changes مثل : الخوف fretfulness وفقدان الشهية anorexia والبكاء الذي لا مسوغ له unusual crying و اضطرابات في النوم sleep disturbancs أو النعاس والهبوط drowsiness .إلخ
وهناك شكايات تظهر في الأطفال الأكبر سنا مثل : الصداع headach والغثيان nausia والتقيؤ vomiting وآلام البطن abdominal pain أو الظهر back ach .
وإذا أجرينا فحصا عاما المريض في هذه المرحلة فلا نجد من العلامات ما يفرق الملاريا عن غيرها من الأمراض الالتهابية فقد نجد الحمى fever والشحوب pallor مع تضخم في الطحال splenomegaly مع بعض الحويصلات الفيروسية في فم المريض العقبول البسيط herpes simplex.
ولذلك فلكي نؤكد تشخيص المرض لا بد من إجراء بعض الفحوصات المختبرية : كالمسحة الدموية blood film التي تعتمد على رؤية الطفيلي مباشرة تحت المجهر والفحص المناعي serological test الذي يكتشف الآثار المناعية للطفيلي في دم المريض .
أما الفحوصات الدموية الأخرى مثل : نسبة صباغ الدم Hb والكريات البيضاء WBC وغيرها . فهي مساعدة للتشخيص ولكنها ليست خاصة بمرض الملاريا .
وقبل أن أتجاوز الفقرة المختبرية لابد لي من وقفة عند بعض الملاحظات الهامة :
يجب على المختبري الناجح أن يجري مسحة دموية سميكة في بداية التشخيص thick blood film وذلك لكشف الحالات الخفيفة من الإصابة ثم يلجأ بعد ذلك للمسحة الرقيقة ilm thin blood f للتفريق بين أنواع الطفيلي الموجود .
إذا جاء الطفل المريض وهو في قمة الطور الحموي feverish فقد لا نرى الطفيلي في المسحة الدموية الأولى لذلك لا بد من إعادة الفحص السلبي عند الشك العالي بالمرض بعد فترة اثنتي عشرة ساعة على الأقل وعندما تهدأ الحمى .
هناك فحوص مصلية سيرولوجية متطورة مثل immune flourescent antibodies techniq = IFAT وهي تكتشف الأجسام المضادة لكل طفيلي في دم المريض وبصورة سريعة ولذلك يجب توفيرها في كل مستشفى من مستشفيات البلاد الموبوءة بالملاريا .
بعد تشخيص المرض من خلال القصة السريرية الكاملة بعد ملاحظة المناطق الموبوءة بالمرض ثم الفحص السريري والمختبري الجيد هنا يأتي دور التدبير والعلاج . ومن المناسب أن نقول هنا : بأن الملاريا هي واحدة من الأمراض القليلة التي ينطبق عليها القول المأثور في تراثنا العربي والإسلامي الخالد : درهم وقاية خير من قنطار علاج .
أما العلاج : فيتوقف على تقدير الطبيب في اختيار الدواء المناسب وفي إدخال المريض إلى المستشفى من عدمه حسب شدة الحالة ونوع الطفيلي واعتبارات أخرى يقدرها الطبيب . من الأدوية التي تستخدم:
Quinine (Chloroquine and Primaquine), Mefloquine
Antifolates (sulfadoxine + pyrimethamine, sulfadoxine + pyrimethamine + Mefloquine)
وأود هنا أن أسجل تجربتي الخاصة مع دواء الكلوروكوين chloroquine فلقد وجدته الدواء الأمثل والأسلم لعلاج الملاريا في الأطفال ولقد عالجت به آلاف الحالات في مستشفى الأقصى التخصصي في الحديدة سواء لحالات الرقود inpatient=admission أو العيادات الخارجية outpatient دون أن أسجل حالة مقاومة واحدة للدواء بعكس ما يتوهم به الكثير من العاملين في هذا الميدان .
مع دعائنا لأطفالنا الأعزاء بالصحة الدائمة .