تنتشر أوجاع الظهر وآلامها بكثرةٍ في أيامنا هذه حيث بات أغلب الأشخاص يعانون من مشاكل في أسفل الظهر نظرا لطبيعة الحياة والإنشغال الدائم واللجوء للسيارات وقلة المشي وعدم ممارسة الرياضة بشكلٍ دائمٍ والجلوس بشكلٍ خاطئٍ لساعاتٍ طوال أمام شاشة الكمبيوتر والتلفاز ونظرا لطبيعة عمل العديد من الأشخاص الذي يتطلب منهم عملهم الجلوس لفتراتٍ طويلة دون اللجوء لأخذ قسطا من الراحة كما هنالك تصرفات سلوكية خاطئة يلجأ إليها العديد من الأشخاص كحمل الأوزان الثقيلة دون الوقوف بشكلٍ سليم والإنحناء بطريقةٍ خاطئةٍ مما يؤدي لتحمل العضلات مجهودا يفوق طاقتها مسببه آلاما حادة.

تتراوح أوجاع الظهر فمنها ما هو حاد ومنها ما هو خفيف ومنها ما هو مزمن وجميعها هي إضطرابات في العضلات والأوتار والأعصاب والهيكل والفقرات القطنية الممتدة في أسفل الظهر وقد تمتد الآلام إلى إحدى الساقين مسببة آلاما حادة لعددٍ من الأشخاص وبالرغم من التشابه في الألم في بعض الحالات وعدم تشخيص الحالة بدقةٍ من قبل الأطباء والإعتماد على صورةٍ مقطعيةٍ لبيان مكان الألم والمسبب له إلا أن الأعراض قد تتشابه لحدٍ كبيرٍ في مجمل آلام وأوجاع الظهر.
أسباب وجع الظهر
تشنج العضلات أو توتر العضلات ويصيب التشنج عادة العضلات المحيطة بالأعصاب والأوتار نتيجة القيام بحركةٍ مفاجئةٍ أو حمل شيءٍ ثقيل دون تهيئة الجسم أو التعرض للوقوع والكدمات فتنتج العضلات ردة فعل عكسية لتحمي الأعصاب مما يؤدي لتشنجها وشدها تسبب تشنج العضلات آلاما في الظهر تتفاوت ما بين حادةٍ وخفيفةٍ قد يستمر بعضها لأسابيع ويخف الشعور بها مع الإسترخاء والراحة والكمادات الساخنة والتدليك وبعضها قد يستمر لمدةٍ تزيد عن الشهر يلزمها أخذ المسكنات والمرخيات اللازمة لإعطاء المرونة للعضلة المتيبسة.
وجود بعض التحدبات أو الإنحناءات في تكوين العمود الفقري تعود لأسبابٍ خلقية منذ الولادة حيث تبقى آلامها مرافقة للشخص ما لم يتم التدخل الجراحي.
نقص الكالسيوم بشدة مما يسبب تقلص في كثافة الكتلة العظمية وهشاشتها ورقتها مما يجعل العمود الفقري معرضا للإصابة بالكسور والترقق في كثيرٍ من الأوقات وخاصة عند التعرض لبعض الإصابات وبذل مجهودٍ مضاعفا.
الوزن الزائد يعد أحد أسباب آلام الظهر وخاصة عند الوقوف لوقتٍ طويلٍ والقيام بمجهودٍ عضلي مولدا الضغط المكثف على عضلات الظهر والعمود الفقري ومحدثا آلاما بالفقرات القطنية السفلية.
التهابات المفاصل التي تسبب أوراما والتهابات بالفقرات محدثة ضغط على الأعصاب وتسبب آلاما بأسفل الظهر وقد يمتد إلى العصب الوركي في أسفل الورك.
اكتشاف بعض الأورام أو الألياف أو الكتل والتي قد يتغير نموها من فترةٍ لأخرى وتحتاج هذه الأورام لزراعة خزعة لبيان إن كانت أورام حميدة أو خبيثة.
تيبس الفقرات نتيجة جفاف المادة الجيلاتينية التي تعمل على زيادة ليونة المفاصل لعدة أسباب كالتقدم في العمر أو الوزن الزائد والضغط المضاعف مما يؤدي تلامس الفقرات واحتكاكها إلى حدوث آلاما في الظهر.
نقص بعض الفيتامينات اللازمة لصحة العضلات والأوتار والأعصاب والعظام كفيتامين د وب 12 والمغنيسيوم الذي يؤدي نقصه إلى حدوث تشنجاتٍ عضلية قد تسبب آلاما تمتد للساقين.
الإنزلاق الغضروفي ويحدث عادة نتيجة تمزق الأوتار وحدوث فتق في الفقرات وتخلخلها من مكانها وإنزلاق الغضروف من مكانه الأصلي مما يولد ضغوطات على الأعصاب المحيطة قد تسبب آلاما حادة في بعض الأحيان يكون الإنزلاق خفيفا ويمكن للمريض تفاديه في الإسترخاء والراحة والنوم على الأرض لبضع أيام وأخذ بعض المسكنات والمهدئات والعلاج الطبيعي والوخز بالإبر الصينية وقد يسكن الألم أو قد يزول أو قد يشتد ليمتد لأكثر من أربعة أسابيعٍ متتاليةٍ وهو ما يسمى بالديسك وفي بعض الأحيان يشتد الأمر سوءا ويمتد الألم إلى إحدى الساقين محدثا آلاما مبرحة تشتد ليلا ويكون ألمها أشبه بصعق الكهرباء أو سيخٍ من النار يمتد من أسفل الفقرات القطنية في العصب الوركي نزولا إلى مشط القدم وهو ما يطلق عليه عرق النسا وفي بعض الحالات يضغط الغضروف المنزلق على العصب بشدة مما يتسبب بآلاما حادة جدا وتتطلب هذه الحالة قرار الطبيب بعد أخذ صورة رنينٍ مغناطيسيٍ وصورة تخطيط الأعصاب إلى التدخل الجراحي السريع حيث أن تطور الحالة قد يؤدي إلى حدوث العجز والشلل النصفي لا قدر الله.
تشخيص وعلاج آلام الظهر
يتم تشخيص آلام الظهر بداية بأخذ صورة مقطعية للمريض وإعطاء المسكنات والمرخيات التي تعمل على تهدئة العضلات وإزالة التشنجات العضلية ويعطى المريض فترة من الراحة لمدة أسبوعين لبيان النتائج بعد ذلك في حين إستمر الألم يقرر الطبيب بإجراء تخطيطٍ للأعصاب وصورة رنينٍ مغناطيسي حيث أن بعض الإنزلاقات في الظهر لا ترى بوضوحٍ إلا من خلال صورة الرنين المغناطيسي يقرر بعدها الطبيب ما يحتاجه المريض من علاجٍ أو تدخل جراحي فورا وقد يلجأ بعض الأطباء إعطاء المريض أنواعا معينة من المهدئات وبعض أدوية الأعصاب التي لا تعطى إلا بوصفةٍ طبيةٍ وتحت إشراف الطبيب تكون هذه الأدوية بالعادة قوية بمفعولها ولا ينصح بإعطائها للمريض لمدة تزيد عن الأسبوعين فبعضها يسبب الإكتئاب والإدمان وفقدان الشهية أو زيادة الوزن وغيرها من المضاعفات التي يكون المريض بغنى عنها وفي بعض الحالات يتم تحويل المريض للعلاج الطبيعي والتدليك أو العلاج بالطب الصيني والوخز بالإبر أو أخذ حقنة في الظهر تسمى بحقنة الكورتيزون فبعض الحالات تستجيب للشفاء والبعض الآخر تشتد الحالة معه سوءا فيقرر الطبيب التدخل الجراحي فورا.
الخوف من العملية الجراحية
تعد نظرة الأغلبية من المرضى سلبية إتجاه العمليات الجراحية لخوفهم من نتائجها ولبعض كلام العامة الذي قد يسبب لهم المزيد من الإحباط إلا أنه وفي يومنا هذا يتم إجراء العمليات الجراحية بدقةٍ عاليةٍ وتحت إشراف طبي متمكن ومتمرس وتكون نتائجها ممتازة وقد يتشافى المريض سريعا ويسترد صحته بشكلٍ سريعٍ يرجع الدور في هذا الأمر للطبيب فعليه أن يبين للمريض تقنية العملية ونسبة نجاحها وتثقيفه جيدا حتى يقبل على إجرائها بكل طمأنينةٍ وبصدر ٍرحب.
كيف يتم إجراء العملية
في السناوات السابقة كان يتم أغلب العمليات الجراحية عن طريق شق الظهر بحوالي عشرة سم حيث يتطلب إجراؤها دقة بالغة ويحتاج المريض بعدها لفترة نقاهةٍ تمتد لستة أشهر ليستطيع أن يسترجع قواه ويسترد عافيته أما في الفترة الحالية يتم أجراء أغلب عمليات الظهر بواسطة المنظار من خلال إحداث ثقب صغير يكون طوله 2سم وتتم العملية بدقةٍ بالغةٍ وبإحتراف من قبل طبيبٍ مختص تحتاج هذه العملية لفترةٍ ما بين الساعة والساعتين حسب حالة المريض يقرر بعدها الطبيب خروج المريض حين يحاول المشي وتعد فترة النقاهة بعد العملية بالمنظار شهر يستطيع المريض بعدها أن يمارس حياته الطبيعية.
أهمية الرياضة للوقاية من آلام الظهر
مع كل الأسباب المؤدية لوجع الظهر علينا أن لا نغفل عن أهمية الرياضة وممارستها في حياتنا اليومية فهي تعمل على تقوية عضلات البطن والظهر التي تشكل الداعم للعمود الفقري وتقدم الحماية له وأكدت الدراسات بأن أغلب أوجاع الظهر تستجيب للعلاج مع ممارسة الرياضة والسباحة وتقوية العضلات فلنطبق المقولة الوقاية خير من ألف علاج لنتفادى الكثير من الأمراض.